الأستاذ محمد علي كونول: ترامب المهووس بالحروب
ينتقد الأستاذ محمد علي كونول خطاب ترامب حول السلام، مبيّنًا التناقض الصارخ بين وعوده وممارساته القائمة على الصمت عن جرائم غزة، والتهديد والابتزاز والسعي للهيمنة على ثروات الدول.
كتب الأستاذ محمد علي كونول مقالاً جاء فيه:
كان من بين أبرز وعوده الانتخابية أنه سيجلب السلام إلى العالم، ويكرر في خطاباته أنه حتى اليوم وقّع ثماني اتفاقيات سلام، ويُبرز من بينها الاتفاق المتعلق بـ غزة بوصفه الأكثر حضورًا والأوضح أثرًا، غير أن هذا الادعاء يصطدم بواقع مغاير؛ إذ قابل مئات الخروقات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بصمت كامل، رغم القصف المتكرر للخيام والمناطق المدنية، واستهداف أي مكان يشاء، إضافة إلى منع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية بالعدد الكافي، أمام كل هذه الانتهاكات، لم يصدر عنه حتى موقف لفظي يُذكر.
ومع ذلك، لا يتردد في التفاخر بهذا الاتفاق كلما سنحت الفرصة، مدّعيًا أنه أعاد السلام إلى الشرق الأوسط بعد آلاف السنين، وكأن المنطقة لم تعرف استقرارًا إلا على يديه، وفي الوقت نفسه كان أهل غزة يخوضون معركة البقاء في بردٍ قارس، بين القصف والجوع وانعدام أبسط مقومات الحياة، بينما اكتفى هو وبقية «الضامنين» بالصمت، في موقف لا يمكن وصفه إلا بأنه صمت متواطئ يرقى إلى الشراكة في الجريمة.
ألم يكن هو من وعد بجلب السلام؟
فكيف يمكن تفسير محاصرة فنزويلا والسعي للاستحواذ على نفطها؟ إن هذا السلوك لا يختلف في جوهره عن قرصنة حديثة تمارس باسم السياسة الدولية، فهو يتحدث عن السلام، بينما يُبقي يده على الزناد، ملوّحًا بالقوة، متصرفًا بعقلية راعي بقر لا يعرف سوى منطق التهديد والفرض، لا منطق القانون أو التفاهم، في جوهر الأمر نحن أمام رجل يمارس البلطجة السياسية لا صناعة السلام.
ويمتد هذا النهج إلى تعامله مع دول أخرى؛ فتهديد المكسيك وبنما والبرازيل بالأساليب ذاتها يُقدَّم لديه بوصفه سياسة سلام، في قاموسه السلام يعني أن يقبل الآخرون ما يريده قبولًا غير مشروط، دون نقاش أو تمييز بين الحق والباطل، وحيثما لمح مصلحة، اندفع لانتزاعها عبر التخويف والابتزاز، لا عبر الشراكات المتكافئة.
وفي السياق نفسه، جاء قراره المتعلق بـ هضبة الجولان السورية، حين منحها للاحتلال بعبارة أقرب إلى «أنا من أعطاها وانتهى الأمر»، في تجاهل فجّ للسؤال البديهي: من أي حقّ، وباسم من، تُمنح أرض ليست ملكًا له؟ بل إن تقارير إعلامية عالمية نقلت عنه تباهيه بأنه لو فكّر حينها لكان طالب الاحتلال بثمن مقابل هذا الاعتراف، في سلوك يعكس منطق الصفقة التجارية لا مسؤولية الدولة.
ولا يختلف موقفه من أوكرانيا كثيرًا؛ إذ لا يرى حرجًا في الطمع بثرواتها المعدنية، ولا في تحويل أراضيها إلى ورقة مساومة مع روسيا، ما دامت لا تتعلق بأراضي الولايات المتحدة نفسها، وكأن سيادة الدول الأخرى مسألة قابلة للبيع والشراء.
هذا السلوك يصدر عن ذهنية تاجر يرى نفسه الحاكم الأوحد للعالم، وحين يواجه صمتًا دوليًا يمنح نفسه الحق في فعل ما يشاء، وهنا يبرز السؤال الحقيقي: من المسؤول؟
فالصمت ليس حيادًا، ولا ضعفًا، بل شراكة في الجريمة، والتاريخ يعلّمنا أن كثيرًا من المآسي بدأت حين صمت العالم عند أول انتهاك، تمامًا كما حدث في قصة «الثور الأصفر»، فإذا عجز التضامن الدولي والقانون الدولي عن إنتاج موقف عادل ورادع، فإن النتيجة تكون ظلمًا يولد من رحم الصمت، وعدوانًا يجد في هذا الصمت غطاءً له.
كيف يمكن لرجل يَعِد بالسلام بينما يهدد العالم بالرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية أن يُصنَّف رجل سلام؟ بل كيف يمكن تجاهل لجوئه إلى القوة العسكرية داخل بلاده في مواجهة اضطرابات داخلية واحتجاجات شعبية؟ إن الفوضى التي يصنعها هذا النهج لا تتراجع، بل تتسع يومًا بعد يوم.
أما ملف المهاجرين، فيكشف جانبًا آخر من هذه العقلية؛ إذ يُلاحَقون في الشوارع والمنازل والطرقات، ويُعاملون كأنهم مجرمون، ثم يُرحَّلون قسرًا، أو يُحتجزون في سجون دول مجاورة بترتيبات مالية، في مشهد لا يمت إلى القيم الإنسانية ولا القانونية بصلة، مثل هذا السلوك لا يوحي باستقرار سياسي، ولا يُنذر ببقاء طويل في سدة الحكم.
وحين يُعاد تعريف «وزارة الدفاع» لتصبح عمليًا وزارة حرب، يصبح التساؤل عن طبيعة هذه الذهنية مشروعًا، بل واجبًا، إنها عقلية تستحضر صورة آريس، إله الحرب في الأساطير اليونانية؛ اندفاع أعمى، تمجيد للقوة، واستخفاف بعواقب الصراع.
لقد شهد العالم كيف قادت عقلية الجنون والعظمة إلى حربين عالميتين مدمرتين، والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل سينتظر العالم مجددًا، بصمته المعتاد، حتى يُلقى حجر آخر في البئر، فتندلع مأساة عالمية جديدة؟
كما جاء في الإنجيل:
"لا تظنوا أني جئت لألقي سلامًا على الأرض، ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا"
مرقس 9:41؛ لوقا 12: 51–53؛ 14: 26–27. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يناقش الأستاذ محمد كوكطاش ظاهرة الإدمان من زاويتين متباينتين: إدمان الفقر واليأس في الأحياء الشعبية، وإدمان الترف والانفلات لدى فئات أخرى تحوّل إلى فساد علني، ويحذّر من صمت المجتمع أمام هذا التحلل القيمي، مع الإشارة إلى تدخل الدولة وضرورة استعادة مشروع أخلاقي جامع.
يسلط الأستاذ محمد أيدن الضوء إلى معاناة غزة حيث تُقصف وتموت من الجوع والبرد، بينما الضامنون يكتفون بالصمت والوعود الفارغة، ويؤكد ضرورة إرادة حقيقية وعالم يمتلك ضميرًا حيًا لإنقاذ المدنيين ووقف المأساة فورًا.
أكد الأستاذ عبد الله أصلان أن غزة تعاني من الهجمات والجوع والبرد القارس، لتصبح امتحانًا صعبًا للضمير الإنساني العالمي، ودعا العالم والدول العربية إلى التحرك العاجل لوقف العدوان وتقديم الإغاثة وإعادة الأمل لسكان القطاع المنكوب.